Saturday, May 17, 2014

7-حضور العروض الموسيقية

بما أن الموسيقى لابد من سماعها حتى نجربه بالكامل لا يمكن لأي كم من القراءة أو الحديث عنه أن يحل محل السماع. تسمح الاسطوانات والتسجيلات والشرائط للسماع المتكرر للموسيقى العظيمة بتكلفة متواضعة ولا نقدر بقيمة لأغراض الدراسة والتحليل والتسلية في المنازل. لكن الموسيقى فن حيوي ونجربه بأفضل شكل في العرض المباشر.

أداء وسماع الموسيقى هي عمليات ذاتية بشدة. تقنية أحد العازفين تختلف عن تقنية آخر، طابع الصوت لكل آلة موسيقية فريدة، السرعة المفضلة لأحد قادة الأوركسترا قد تبدو أسرع من اللازم أو أبطأ من اللازم لواحد آخر. السرعة والتعبير العاطفي هي مجرد بعض أوجه العرض التي تأثرت بالذوق والخبرة إضافة إلى حجم قاعة الحفلات والظروف المختلفة الأخرى.

في حين لا يوجد عرضان متماثلان تماما لا يمكن تغير العرض المسجل. السماع المتكرر للتسجيل يتسبب في جعل الموضوعية للسامع مملة، مثلما أصبح الأداء المألوف مقبول على أنه "صحيح". سماع التسجيلات المختلفة لنفس العمل، من جهة أخرى، يشجع على السماع والوعي لجودة العرض إضافة إلى التأليف الموسيقي. لكن من يستمع للعروض المسجلة حتما يلعب دورا سلبيا واحدا.

المستمع لحفل مباشر هو مشارك فعال يشارك في كل من المسئوليات والمكافآت لتحقيق عرض عظيم. لذا حضور الحفل جزء أساسيا لسماع موسيقى عظيمة.

المعلومات الأساسية المقدمة في هذا الفصل ستسمح لمرتاد الحفلات الجديد أن يرتاح وينتبه للعرض المباشر، دون إزعاج من الاهتمام بعادات الحفلات والإجراءات.

الحفلات مقابل الرسيتال
في حين لا يرسم الخط بين الكونسير والرسيتال دائما بوضوح، الكونسير عادة يشير إلى جهد في حفل الكونسير لفرقة كبيرة ورسيتال لعرض يقوم به عازف صولو أو فرقة صغيرة. الكونسير عادة يعمل في قاعة كبرى يمكنها أن تضم الكثير من الأشخاص وحيث يحمل صوت الفرقة أو الأوركسترا بفاعلية. الرسيتال غالبا مقدمة في أماكن أصغر التي تقدم لحن أكثر حميمية وبيئة أفضل لصوت أصغر للأصوات الصولو والآلات.

إجراءات العرض
لابد من التخطيط للوصول إلى قاعة الكونسير قبل عدة دقائق من التخطيط لبدء حفل مما يتيح الوقت للجلوس والنظر بسرعة في البرنامج واستيعاب المناخ كجمهور واستعداد العازفين للعرض مبكرا تماما. يعدون موسيقاهم في حاملات النوت والاستعداد بالتمرين على فقرات من الاعمال التي على وشك أدائها. الصوت الناتج مع عزف الكثير من الآلات موسيقى مختلفة في الوقت نفسه، هوة جزء طبيعي من جو ما قبل الحفل ويضيف للشعور السار بالترقب.


العروض الأوركسترالية
قبل وقت قصير من بداية العرض الأوركسترالي، عازف الكمان الأول، المعروف باسم قائد الفرقة الموسيقية، يدخل خشبة المسرح وعادة يصفق له الجمهور. قائد الفرقة الذي يعمل كمساعد للمايسترو يستدعي انتباه الأوركسترا ثم يومئ لعازف الأوبوا الأول ليعزف نغمة لا، وهي درجة الصوت التي تنغم بها الأوركسترا. (بعض الأوركسترات استبدلت هذا الإجراء للتنغيم التقليدي باستخدام آلة تنغيم إلكترونية بدلا من آلة أوبوا). اذا ادخلنا آلة ذات لوحة مفاتيح في الفرقة لابد من تنغيم الآلات الأخرى وفقا لها، بما أن تنغيم البيانو أو الأرغن لا يمكن ضبطها بسرعة.

عند إشارة من قائد الفرقة تستقر الأوركسترا ويدخل المايسترو المسرح يحييه الجمهور بالتصفيق. ينحني المايسترو ويستدير لمواجهة الأوركسترا يرفع العصا ويبدأ العرض.

منذ أواخر القرن الثامن عشر، رتبت آلات الأوركسترا على المسرح تقريبا مثل اليوم. الوتريات تقدم "اللون" السائد للأوركسترا السيمفوني. أعضاء الثلاث عائلات الاخرى من الآلات نضعها بشكل مناسب حيث تدعم أفضل شيء الصوت الكلي للفرقة.

حجم الأوركسترا يختلف حسب أسلوب الموسيقى التي يتم أدائها. أوركسترات القرن الثامن عشر كانت صغيرة. أثناء القرن التاسع عشر أضيفت عدة آلات جديدة التي تستوجب إضافة المزيد من آلات الكمان وآلات "تقليدية" أخرى لصوت متوازن. اتجاه من القرن العشرين تجاه القيود والسيطرة على الموارد أدت للكثير من المؤلفين الموسيقيين للكتابة لعدد أقل من الفرقة الموسيقية الأصغر مرة أخرى. لذا قد يدخل العازفون أو يغادرون خشبة المسرح بين الأعمال حسب أسلوب العمل التالي المراد عرضه.

الأشكال الأوركسترالية
الأشكال الهامة للموسيقى الأوركسترالية ستتم مناقشتها بالتفصيل في فصول لاحقة. يتم إدخالها هنا بالإشارة إلى تجاربك المبكرة في الحفلات، سيدعمك فهم أساسي لمصطلحات ومفاهيم معينة.

السيمفونية

السيمفونية عمل أوركسترالي من عدة حركات أي مكونة من عدة حركات تنفصل عن بعضها بوقفة مختصرة. تختلف الحركات عن بعضها البعض في السرعة والمزاج والمادة اللحنية واحيانا في المقام. مع ذلك نفهم السيمفونية كعمل متكامل ونادرا ما يقاطع العرض التصفيق بين الحركات.

Friday, May 2, 2014

هكتور برليوز

هكتور برليوز
ضمن ممثلي الرومانسية الفرنسية في القرن التاسع عشر كانوا يوجين ديلاكروا، الذي كان يرسم المذابح في اثناء الحروب وفيكتور هوجو كاتب البؤساء واحدب نوتردام وهيكتور برليوز الذي اتبع نصيحة مدرسه الاول في تتبع التاثيرات البابلية في موسيقاه. كلهم تركوا اثرا كبيرا على عصرهم. في حالة برليوز بذخ افكاره وخياله الاوركسترالي غير المسبوق عم باقي القرن.

عند الحديث عن العصر الرومانسي، ذكر رد الفعل المبالغ لبرليوز تجاه الموسيقى. هذه المبالغة ميزت حياته وعمله اضافة للانغماس المنتظم في التامل وكتابة انطباعاته. ولا عجب كان برليوز اول مؤلف موسيقي هام يكتب مذكراته كثير مما كتب عن معاصره هوجو ينطبق على برليوز ايضا – تمركزه حول ذاته ومغامراته العاطفية التي بها هزيان وايمانه بالتقدم حتى الفظاظة والبطولة في صفحاته. كان عصر حين توقع من الفنانين المبالغة والخلاعة على حافة الجنون. (قال جان كوكتو "فيكتور هوجو كان رجلا مجنونا صدق انه فيكتور هوجو").

بقول اخر شخصية برليوز ووعيه لذاته كان شيئا منتشرا في عصره. ليبقى نفسه وعمله ثابت منحه لمسة كلاسيكية. احيانا تكون موسيقاه مبالغ فيها لكنها لا تخرج عن السيطرة، ثرية واحيانا غريبة في التوزيع لكن غير خاطئة. في موسيقاه لكن ليس في حياته حقق اكثر خيالاته جموحا بوضوح رائع للوسائل.

كان اسمه بالعمادة لويس-هكتور برليوز ولد في 11 ديسمبر 1803 في بلدة كوت سانت اندريه قرب جرينوبل. كان والده طبيبه موسرا والدته كاثوليكية متدينة امنت ان المسح وقاعة الحفلات الموسيقية بوابات لجهنم. كان يقصد من البداية ان يتبع والده في الطب انجذب هيكتور بدلا من ذلك للموسيقى حيث تعلم عزف الجيتار والفلوت (لم يعزف البيانو قط) علم نفسه من الكتب والتاليف الموسيقي. في سن 18 ارسل لباريس ليدرس الحصول على شهادته الطبية لكن بعد الاحتجاجات من والده والتوسل الهستيري من والدته انتهى به الحال في دراسة الموسيقى في كونسرفتوار باريس.

لوسور مدرسه الاول كان المؤلف الموسيقي في بلاط نابليون كان هو من اقترح التاثيرات البابلية الهائلة التي ناسبت مزاج راعيه الشاب. لوسور ايضا عرف ان برليوز كان عبقريا وبرليوز لم يفقد ايمانه ابدا. كان يحب العباقرة المفضلين للرومانسيين في كل مكان بيتهوفن وشكسبير وجوته وهوجو.

العمل الاساسي الاول لبرليوز كان القداس المهيب الذي انتجه مرتين في 1820. رغم انه جلب له بعض الانتباه تكليف عرضه جعلته يتوسل المال لسنوات وهو شيء استمر في معظم مشواره الفني. لجعل الامور اسوا بعد ان حاول بتكرار وفشل في الفوز بجائزة روما المحترمة في كونسرفتوار باريس منع عنه والده المال.

الجزء البطولي المفرط وسيء السمعة من حياته بدأ حين حضر عرض في باريس لمسرحية هاملت لشكسبير سنة 1827. دور أوفيليا ادته ممثله متحمسة شابة تدعى هارييت سميثون. رغم ان الانتاج كان بالانجليزية وبالكاد فهم برليوز كلمة منه قبل نهاية العرض كان مفتون باستماتة بهارييت. الجمع بين شكسبير والجمال الانثوي اثر عليه فجال المدينة طوال الليل في نوبة احباط ورغبة. وللمس سنوات التالية – حتى لقاءهما الفعلي – حكمت صورة هارييت سيمثون حياته.

بعد تضليلها برسائل دون جدوى تصور فكرة قهرها بموسيقاه، بكتابة سيمفونية عظيمة حيث كتب، "تطور عاطفتي مرسوم" بالتالي أصل العمل الرومانسي الرائع في الموسيقى الأوركسترالية، "السيمفونية الخيالية". تعتمد على برنامج فيه السيرة الذاتية بوضوح الذي أنكره برليوز لاحقا لكن يظل أساسي لفهم الموسيقى. موسيقى شاب "يملك حساسية وخيالا قويا" محبط في الحب يحاول قتل نفسه بتعاطي الأفيون. لكن بدلا من الوفاة، منحه المخدر هلاوس قوية وهذه تشكل الخمس حركات للسيمفونية: يتذكر متى رأى لأول مرة حبيبته وشعر بالشغف، يراها ترقص في القاعة، يهدأ بمشهد في الحقول، قتلها وأعدم عند المقصلة، جثته تصبح أساس "سبت الساحرات" خلالها تظهر المحبوبة كساحرة غريبة الشكل. بما أن برليوز لم يتمكن من الهروب من صورة هارييت سميثون، كذلك السيمفونية الخيالية يطاردها لحن وصفه بالفكرة الثابتة. يمثل اللحن المحبوبة فيظهر في رداء جديد في كل حركة، من الظهور الغنائي الأول إلى المحاكاة الصارخة في سبت الساحرات.

أصالة الصوت والمفهوم في السيمفونية الخيالية وقوة الابتكار المستدامة المذهلة في مؤلف عمره 26 سنة، جعلتها واحدة من أهم الاعمال في القرن. معالجتها المعبرة بشكل غير مسبوق للأوركسترا، الامزجة تتراوح من الجمال السماوي للبداية عبر مشهد قاعة الرقص الأنيقة، المارش العاصف للمقصلة وانتهى في السبت الشيطاني، ساعدت في إشعال ثورة في فن التوزيع الأوركسترالي. في حين المؤلفون السابقون أرادوا من الآلات أن تبدو كنفسها وتقدم الموسيقى بوضوح وكفاءة، الآن الأوركسترا حرة في الغمغمة والصياح والعويل كشياطين عند الضرورة. كتاب التوزيع الأوركسترالي لبرليوز لسنة 1844 كان ضمن الأول من نوعه ويظل ضمن الأبرع. مع تناول كلاسيكي للتعبير الرومانسي، كتابه يصنف بحرص الآثار العاطفية للألوان النغمية وتقنيات التدوين الموسيقى.

كتاب التوزيع الأوركسترالي لبرليوز لسنة 1844 ضمن الأول من نوعه ويظل ضمن الأبرع. مع تناول كلاسيكي تجاه التعبير الرومانسي يصنف كتابه برعاية الأثار العاطفية للألوان اللحنية وتقنيات التدوين.

السيمفونية الخيالية أيضا بدءات العصر العظيم للموسيقى ذات البرنامج كقالب السوناتا ونماذج كلاسيكية اخرى ذابلة يمكن لاي حكاية مصاحبة ان تتولى وظيفة تنظيم وتبرير الموسيقى. مهم بالمثل استخدام برليوز للفكرة الثابتة الهم السيمفونيات الدورية مثل سيمفونيات شومان حيث تظهر الالحان مرة اخرى في اكثر من حركة واحدة ومناهج شبيهة في اعمال ليست. (سمع ليست العرض الاول سنة 1830 للسيمفونية الخيالية في باريس، من الان فصاعدا كان صديق وطالب لدى برليوز) بالنسبة لريتشارد فاجنر الشاب كان برليوز والسيمفونية الخيالية تحريض نحو تطور اسلوبه الخاص والتوزيع الاوركسترالي وفكرته للحن الدال التي تشبه كثيرة الفكرة الثابتة.

مع ذلك هارييت سميثون لم تحضر العرض الأول للعمل التي الهمته بشكل غريب. ادعى برليوز انه استحضر روحها بالسيمفونية وعلى اية حال وجد العزاء مع عازفة بيانو شابة مغازلة تدعى كاميل موك التي خطبها. ايضا في محاولته الرابعة اخيرا فاز بجائزة روما بكتابة كانتاتا تقليدية بما يكفي ليرضي المحكمين. الجائزة تعلقت باقامة مدتها ثلاث سنوات في روما. ذهب برليوز هناك بتراخي رغم ان جولاته الطويلة في الريف والجبال لاحقا الهمت اعمال مثل افتتاحية الكارنفال الروماني وهارولد في ايطاليا. في روما ايضا تعرف على مندلسون الالماني الشاب الودود وجد شخصية برليوز وموسيقاه غير مناسبة لذوقه لكنه ظل مهذبا كالمعتاد.

أثناء مكوثه في ايطاليا علم برليوز أن كاميل موك تخلت عنه لصانع الات بيانو ثري. تعهد بقتلها وقتل امها معها، شرع الى باريس معه مسدسين محشوين وزء تنكري لخادمة وباروكة. مر عبر جنوا قبل ان تتضح مدى سخف الخطة بالنسبة له فعاد الى روما – لكن فقط بعد كتابة افتتاحيات الملك لير وكورسير.

بالعدة لباريس سنة 1832 انتج كونسير يقدم السيمفونية الخيالية والجزء الثاني الاضعف الذي كتبه في ايطاليا المعروف باسم "ليليو". كانت القاعة ممتلئة بالفنانين الشباب ذوي المعاطف القطيفة ووجوه حادة شاحبة يطلبون ان يذهلهم العرض. بالصدفة المحضة ظهرت هارييت سميثون في باريس في ذلك الوقت تحاول احياء مهنتها التي لم تعد كالسابق. الشاعر هاينريش هاينه الذي كان حاضرا ايضا تذكر العرض فقال: برليوز بمظهره الغريب يعزف التمباني ويحملق بوجه حزين في الممثلة ويشعر بغضب اشد عندا التقت عيناهما.

نجح الأمر فإضافة لمعظم الجمهور العرض أسر وأذهل هارييت. الآن رغما عنها بدأت تستجيب لتوسلاته المتجددة. لكن ليس في الحال، وأثناء هذا عارضت كلتا أسرتيهما كلتا أسرتيهما فكرة زواجهما بشدة. توسل برليوز وطلب وحاول تسميم نفسه أمام عينيها. أخيرا في اكتوبر 1833 تزوجا في باريس. وهذا حتى بشكل درامي أكثر من المعتاد انهى كل من الهوس والرومانسية. مع انتهاء مشوارها الفني اصبحت هارييت شرسة وغيورة وعجوزة قبل الاوان. بعد عدة سنوات عاصفة وطفل واحد انفصلا. برليوز تعرف على المطربة ماري ريشيو لكن اعال هارييت حتى وفاتها عام 1854.

مع السيمفونية الخيالية صنع برليوز اسما لكن ليس ثروة. لم يضمن قط حياة معيشية مضمونة أو يحقق اعظم احلامه. أراد التدريس في كونسرفتوار باريس وكتابة الاوبرات لكن اعداءه منعوه من الحصول على وظيفة في التدريس (رغم أنه اصبح امين مكتبة في الكونسرفتوار) وبعد فشل "بنفنيتو تشيلليني" في اوبرا باريس سنة 1838، لم ينل فرصة اخرى قط على المسرح حتى فات الاوان. بدلا من ذلك ظل يعمل موسيقيا حرا حيث اضطر لجني عيشه بطريقة احتقرها رغم انه اجادها وهي الكتابة عن الموسيقى في الصحف. في مقالاته ونقده روج لموسيقى ليست وشوبان وبيتهوفن وقاتل ضد المعاملة السيئة للمدونات الموسيقية للمؤلفين في دور الأوبرا وحارب للأفكار الموسيقية التقدمية عامة. ما زالت كتاباته تطبع وتقدم قراءة مسلية.

من حين لآخر وجد موسيقاه التفضيل في باريس لكن بين هذا شهد فترات طويلة من الإهمال والنضال. حول اوروبا صار بطلا لما اطلق عليه بعد قرن الطليعة، لكن للمؤسسة الموسيقية في باري كان العدو. الموسيقى في فرنسا استمرت كسياسة القوة من اسوأ نوع بوتقة تغلي من المؤامرات والتحالف والخيانة. نقطة هامة هي العرض الاول للقداس الجنائزي لبرليوز. طويلا رغب في كتاب قداس جنائزي واخيرا حصل على تكليف من وزير الفنون الرفيعة. في الحال رعاة كيروبيني الرئيس المحافظ للكونسرفتوار حاول منع التكليف. لكنهم فشلوا وواصل برليوز العمل في فورة من الإبداع حيث كتب في الغالب المقطوعة الكبيرة في ثلاثة أشهر. بعد إكمال العمل وقام بالترتيبات المعقدة للعرض الأول، الغى الوزارة الحفل دون ايضاح السبب – وتوقع من برليوز سداد النفقات المتكبدة أعلن بكئابة وهو يقوم بالسعي لخططه الخاصة "أتحداهم في إحباطي".

بمساعدة أصدقائه في المكانة العليا، الفرصة للقداس الجنائزي جاءت في ديسمبر 1837، مع احتفال تذكاري في الإبرشية لجنرال قتل في الجزائر. في العرض الأول أضيئت الإبرشية بآلاف الشموع؛ الأسرة المالكة، السلاح الدبلوماسي، وكل الطبقة الراقية في باريس حاضرا في العرض، وبرليوز منح القوى البابلية التي طلبها: 190 عازفا، كورس من 21، إضافة إلى 4 جوقات للآلات النحاسية في جوانب الإبرشية و16 تمباني، كلها تصدر ضجة لتحيي الموتى. في العرض جلس برليوز إلى جانب المايسترو لينتبه في حالة حدوث تخريب وحق حدث في لحظة حرجة مباشرة قبل اندلاع الآلات النحاسية لتنذر بيوم القيامة لآلة التوبا، الماسيترو أنزل عصاه ببطء وأخذ جزء من النوشق. برليوز قفز واقفا وقاد الأوركسترا ودخلت الآلات النحاسية في الموعد. لهذه اللحظة نفع تصميمه وحقق له القداس الجنائزي الهتاف الواسع من النقاد والجمهور على حد سواء.

مع ذلك في النهاية تغير هذا النصر قليلا. أعداؤه واصلوا حملاتهم ضده ولم ينجحوا في الغالب. أثناء هذا ازدهرت سمعته في مكان آخر خاصة في ألمانيا حيث حارب ليست وشومان نيابة عنه. بداية من 1840 تجول برليوز في ألمانيا وإيطاليا والنمسا والمجر وإنجلترا وروسيا حيث قاد موسياقه في الغالب وسط تصفيق كبير. في مذكراته يكتب عن معجبين يقبلون طرف معطفه بعد أحد العروض. (كان كما قلت عصر مسرف). في 1844 بحفل في باريس قاد الأوركسترا وكورس أحلامه حيث وصل لأكثر من ألف وتطلب سبعة قادة مساعدين للأوركسترا. رسومات الكاريكاتير في العصر تصور برليوز النحيل بأ،فه الذي يشبه الصقر يخيم كالطائر الكبير فوق أوركسترات تضم الآلاف بلا حصر وتشمل المعدات الثقيلة لم تكن بعيدة عن الصدق.

من 1856 الى 1858 بذل جهد في أكثر أعماله طموحا الملحمة الأوبرالية الطرواديون وصلت إلى ست ساعات. لكن مع الافتقار للجمع بين الطاقة والرعاية والحظ واللؤم أن نجح فاجنر في إحضار الدراما الموسيقية الضخمة (الهائلة) للمسرح قاتل برليوز لسنوات لإنتاج الطرواديون بلا طائل. أخيرا النصف الثاني أنتج في تواضع سنة 1863 لكن كان نجاحه متواضعا. حينها تعب برليوز وشعر بالإرهاق والمرارة ومرض في الأمعاء. استجاب لأخبار ظهور الجماهير في الأوبرا بقول "هم آتين لكن آن ذاهب".

اغنيته الأخيرة كانت الاوبرا كوميك الصغيرة بياتريس وبنيدكت، وهو عمل جميل غنائي ملء بالحب ومبهج كليا، كان كل شيء برليوز نفسه لم يعد كذلك. نجح في قيادة العرض الأول الناجح في بادن-بادن بالمانيا عام 1862. نفس ذلك العام توفيت زوجته الثانية ماري ريتشيو (كان تزوجها بعد وفاة هارييت)، بعد خمس سنوات، وفاة ابنه في هافانا أزالت السرور القليل الذي تبقى له في الحياة. عاش منعزلا في باريس لحين وفاته في سن 66 في 8 مارس 1869. خلال عدة أعوام، مؤسسة باريس التي أحبطت برليوز في كل خطوة قدرته بشدة عمليا.

برليوز لم يكتب أعمالا هامة من موسيقى الحجرة أو البيانو تقريبا كل ما فعله كان كبيرا. عمله، قال هاينه، "يجعلني أحلم بإمبراطوريات رائعة مليئة بالخطايا الهائلة". جزئيا بسبب ذلك الإسراف، يظل برليوز الأكثر جدلا من كل مؤلفي الموسيقى الكبار في القرن ال19. نجد احد الكتاب الحديثين يقول "مواده اللحنية كانت عادة من الدرجة الثانية"، أخر يعلن عنه "أعظم مؤلف منذ موتسارت". فقط في العقود الأخيرة أخذه الموسيقيون والنقاد على محمل الجد بشكل عام. القليل ينكرون أنه توجد مشاكل في موسيقاه – الهارمونيات الحرجة، الأصوات الأساسية الغريبة، التجارب الفاشلة من مختلف الأنواع ودرجة من الهذيان مكان الموضوع.

لنبدأ في معرفته أوصى بالسيمفونية الخيالية الحتمية. مثل "طقوس الربيع" لسترافنسكي لم تفقد رائعة برليوز الأولى قدرتها على إحداث صدمة. الإيقاعات الغريبة والهارمونيات المدهشة والتعبيرات الأوركسترالية المدهشة التي تتراوح مع الغنائية المذهلة جعلته مفضل لدى الجمهور منذ البداية.

يمكن قول نفس الشيء عن افتتاحياته خاصة الكارنفال الروماني المألوف، الذي كان في الأصل جزءا من أوبرا بنفنيتو تشيلليني. مجموعة من الحركات البريستو والألحان الحزينة الموزعة بشكل لامع هي أنها ضمن أبرع افتتاحيات الكونشرتو في برامج الحفلات.

هارولد في إيطاليا سيمفونية ذات برنامج، مع إلهام أقل ألهاما من السيمفونية الخيالية. اعتمدت على واحدة من الأعمال الكلاسيكية الرومانسية في هذا العصر، شيلد هارولد لبايرونليس للمرة الوحيدة، كان برليوز متحررا يأخذ حريته مع نموذجه، هارولد لباريون لم يذهب قط لإيطاليا، لكن برليوز أرسله هناك إلى المناظر الطبيعية التي أحبها المؤلف أثناء بقاءه في إيطاليا: حيث يتأمل هارولد الجبال. التكليف بكتابة المقطوعة جاء سنة 1832 من العازف الماهر والمؤلف الموسيقي نيكولو بجانيني الذي أراد كونشرتو للفيولا ليستعرض آلة الكمان ماركة سترادفارياس الجديدة. جعل برليوز دور عازف الفيولا الصولو الذي يمثل شخصية هارولد جزء أوبليجاتو في سيمفونية أوركسترالية. رأى بجانينين أن دور الفيولا صغير فرفض عزف المقطوعة لكن حين سمعه أول مرة وهو أحد أكثر مدونات برليوز دفءا وجمالا أسرع بجانيني للمنصة وقبل ايدي المؤلف لاحقا أرسل له شيكا بمبلغ كبير مع ملحوظة: "بيتهوفن قد مات وبرليوز وحده هو من يمكنه أن يحييه".

 أقل أعماله المألوفة هو سلسلة أغنيات تعرف باسم "ليالي الصيف" للسوبرانو والأوركسترا. يصحب الصوت معالجة رقيقة للأوركسترا فيغزل بعض من أجمل ألحان برليوز – كان يملك الموهبة الرومانسية لألحان غنائية خالدة ونادرا أكثر رشاقة من هنا.

أخيرا جرب سماع القداس الجنائزية الخالد الذي كتب عنه برليوز "إذا كنت مهددا بحرق كل أعمالي سوى واحد إنه للقداس الجنائزي الذي أطلب له الرحمة". هذا ليس عمل للتدين المخلص لكنه بالأحرى تدفق الأسلوب النابليوني من مولف موسيقي أراد إصدار ضجة في العالم وقام بالمهمة حرفيا. حين أصبحت الأربع جوقات النحاسية واسعة في عمل Tuba mirum وأقسام لاحقة، الأثر مذهل كليا كما كان مقصودا. مع ذلك يوجد أيضا قدر كبير من الموسيقيى الهادئة والرفيعة في القداس يتراوح مع اللمسات النشطة لما هو فقط (كمثال للصفة الأخيرة أقدم الصوت الأوركسترالي الذي يصحب القداس. عرض مباشر يكون تجربة لا تنسى أو الاستماع لاسطوانة مدمجة للاقتراب قدر الإمكان للروعة من صوت كامل لمؤلف نادرا ما يكون مملا مصمم على أن يذهل السامع وينجح في ذلك.