Monday, November 21, 2022

تيبيت

 

مايكل تيبيت


مايكل تيبيت كان أكبر بحوالي ثلاثين سنة حين توفى إلجار، ومع

ذلك من الواضح أنه كان مؤلفًا حديثًا أكثر من معاصريه والتون وبريتن. بدأ في التأليف متأخرًا، لم يكتب أول عمل معروف له حتى بلغ سن الثلاثين، ولم يجذب انتباه الجمهور عمليًا حتى اقترب من الأربعين. مع ذلك حين فعل، جذبت أفكاره الرومانسية المتجددة للتعبير الذاتي حماسًا كبيرًا وإن يكن عالميًا. ظل تيبيت دائمًا مغامر لا ينتمي لفئة معينة إلا الخاصة بها. من جانب لم يتعاطف كثيرًا مع أفكار الحداثة الممثلة من التسلسل، لكن من جهة أخرى كتب موسيقى أعقد بشكلٍ واضح ومتطلبة أكثر من مؤلف تقليدي مثل مالكولم أرنولد.


لم يبدأ دراسة الموسيقى بشكل مناسب لحين بلوغه سن 18 لكن طبق نفسه بشكل حيوي للآليات وأسس التأليف أثناء الكلية الملكية للموسيقى. بالأسلوب المميز أضاع الفرصة للدراسة مع فون وليامز، يخشى أن يصبح مجرد مقلد للشخصية الأقوى. قضى بعض الوقت كمدرس في إحدى المدارس والعروض الأولى لأعماله تلاها دراسة أخرى مع آر أوه موريس خبير رائد في الكونترابنط. في منتصف الثلاثينات بدأ عمله يطور شخصية خاصة به حيث وصل أوجه في عمل ملحوظ وهو "كونشرتو لأوركسترا الوتريات المزدوجة" (1939).


كان تيبيت واحدًا من أكثر المؤلفين من حيث نسبة القراءة والمثيرين للفضول العقلي للمؤلفين الحداثيين، واعتقاداته تعلب دورًا هامًا في معظم أعماله. للاتفاق مع شذوذ قام بعمل تحليل يونج وترك هذا أثرًا عميقًا على موسيقاه. معظم أعماله، بداية من أوراتوريو "طفل من عصرنا" (1941) يمثل البحث عن التكامل والتصالح مع الظلام والضوء الموجود بداخل كل شخص على حسب علمه. كان يؤمن بالسلام، فرفض أداء مهامه العسكرية في الحرب العالمية الثانية قضى وقتًا في سجن "ورم وود سكرابس".


بعيدًا عن التأليف بذل تيبيت جهدًا كمدرس بالأخص في ال11 سنة كمدير موسيقي في كلية مورلي بلندن. كان مشجعًا للهواة والمحترفين كذلك كان مايسترو شغوف مع حب خاص لموسيقى المؤلف الإنجليزي العظيم هنري بورسيل.


في عام 1946، استلهاما بنجاح صديقه بنجامين بريتن في عمل "بيتر جريمز" بدأ تيبيت العمل في كتابة أوبرا كاملة بعنوان "زواج منتصف الصيف" رغم أنها تضم الموسيقى الغنائية تعرضت كلماتها (التي كتبها بنفسه) للنقد من النقاد لغموضها وادعاءها المزعوم – وهو نقد تكرر في أعمال الأوبرا اللاحقة باستثناء "الملك بريام" (1961) حتى بحلول الستينات بدأ الاعتراف به أخيرًا كشخص هام في إنجلترا وبعد قيامه برحلة إلى أمريكا عام 1965 أصبح شهيرًا هناك.


في النهاية الناحية الإنسانية التي تلمع في موسيقى تيبيت المعقدة، نسخة متفائلة بشكلٍ خاص جذبت الكثير من الناس حيث استفزتهم "على غناء أغنيات لمن لا يمكنه الغناء لنفسه. تلك الأغاني جاءت من العذاب والفظائع التي جرت. لا يمكنني فقدان الإيمان بالبشرية".

Thursday, November 10, 2022

تاكمتسو

تورو تاكمتسو


علم تورو تاكمتسو نفسه الموسيقى بشكلٍ كبير فأدار ظهره للموسيقى اليابانية لصالح النماذج الغربية عن خبراته وقت الحرب. رقة التركيب في عمله تدين بوضوح لديبوسي ومسيان والصمت البليغ يذكرنا بجون كيدج. ومع ذلك حبه للنسيج لأجل ذاته أشار دائمًا لقوة التراث الموسيقي الياباني، الذي اعتنقه بصراحة في آخر الأمر. في بعض المناسبات بدت موسيقاه تمزج بين الشرق والغرب لكن في أفضل حالاته، تاكمتسو حسي يستحضر عالم الصوت اللامع عالمًا سحريًا دقيق سمعيًا لكن حالم بكثافة. الكثير من العناوين الشعرية التي منحها لمقطوعاته تستحضر وجود مياه وثمة صفة متكررة للنقاء في معظم أعماله.


رغم حظر الموسيقى الغربية في اليابان أثناء الحرب، أول اتصال بتاكمتسو معها جاء خلال فترة خدمته العسكرية (حيث تم تجنيده) حين استمع لأغنيته فرنسية مشهورة "تحدث معي عن الحب". بعد الحرب عمل تاكمتسو في قاعدة أمريكية عسكرية حيث تمكن من الاستماع لشبكة القوات المسلحة الأمريكية التي قدمت موسيقى كلاسيكية وموسيقى مشهورة بوب. خلال حياته ظل مستقبلًا بشكلٍ كبير لنطاق عريض من الموسيقى (حتى أنه قام بعمل توزيعات لأغاني البيتلز) لكن خلال فترة الخمسينات كان مهتمًا بشكلٍ خاص بالطليعة الأوروبية. أنشأ مع مجموعة من زملائه الموسيقيين والفنانين "ورشة عمل تجريبية". في عام 1951 تأثر بالموسيقى المجردة، فتضمنت أعماله الإلكترونية "موسيقى المياه" (1960) وهي مقطوعة صنعها بشكلٍ حصري من أصوات المياة المسجلة.


أول عمل يترك انطباعًا حقيقيًا في الغرب كان "القداس الجنائزي للوتريات" (1957)، الذي أشاد به سترافنسكي وفي عام 1964 تلقى تاكمتسو دعوة إلى هاواي ليلقي سلسلة من المحاضرات مع جون كيدج. كان أساسًا خلال انبهار كيدج بالحضارة اليابانية أن أدرك تاكمتسو قيمة تقاليده الأم. في أوائل الستينات من القرن العشرين بدأ تاكمتسو في إعادة تقييم جادة للآلات اليابانية التقليدية، التي استخدمها أول مرة في فيلم "سيبوكو" (1962). ويمكن أن نسمع المزيج بين آلتي البيوا والفلوت المصنوع من البامبو (الشاكوهاشي) في أشهر عمل له للأوركسترا "خطوات نوفمبر" (1967) وفي عمل "ران" (1985) أحد أفضل عمل سينمائي من بين 93 فيلم.


أحيانًا تتعرض أعمال تاكمتسو للنقد بسبب نقص التطور في التركيب واللحن لكنه منشغل بالموسيقى الغربية وعند الاستماع إلى أعماله، يفضل ترك الموسيقى تنكشف بطريقتها غير المصقولة. جماليات الحدائق اليابانية (التي أحبها تاكمتسو) تقدم تناظرًا مفيدًا عند وصف موسيقاه: ثمة تلاعب مماثل بين الطبيعة والفن بالإضافة إلى إحساس بوضع العناصر السمعية بشكلٍ أنيق لخلق كيان كامل متوازن وهارموني

 

Friday, November 4, 2022

johann strauss

أسرة شتراوس


حين توفى يوهان شتراوس في سنة 1849 عن عمر 45 سنة، اقترح كاتب في صفحة الوفيات أن المدينة يجب أن تنعى ليس مجرد موت رجل عظيم لكن لأن مرة أخرى لأن الموسيقى فيينا العبقري مات قبل الأوان. بعد خمسة سنة كتب نفس الصحفي نفس الزعم ليوهان شتراوس الابن (1825-99) ومرة أخرى ذكر الجدل بافتراح أنه يجب الإشادة بمؤلفي الفالس ونيلهم نفس الاحترام مثل شوبرت أو أي مؤلف للسيمفونيات وأعمال السوناتا. المعجبون بأسرة شتراوس ما زالوا يعانون من الصراع لإقناع الناس بأن موسيقى الفالس ليست مجرد موسيقى للمجتمع الراقي في فيينا لكن من الخطأ تجاهل الموهبة التي كتبت مئات الأعمال لقالب الفالس. أعمال شتراوس الأب قد تكون مرتبطة بالتقاليد، لكن في عمله "مارش رادتسكي" أصدر عملًا صار رمز الجيش هابسبرج، مثل "فالس الدانوب الأزرق" لابنه حكام فيينا.


بالإضافة إلى يوهان الأب والابن هناك أيضًا جوزيف شتراوس (1827-1920) شقيق يوهان شتراوس الابن – الذي ألف 280 مقطوعة لكن لم يضاهي خصوبة أعمال أخيه، الذي يطلق عليه اسم "ملك الفالس". يوهان شتراوس الابن وضع قواعد لكل كاتب للموسيقى "الخفيفة" في النصف الثاني من القرن، ليس بمجرد إثراء الفالس الفيناوي والأشكال الراقصة الأخرى، لكن أيضًا خلال كتابة أوبريت "الخفاش" وهو عمل رائع يزعم أنه أفضل أعماله لا يعتبر أحد وجود عمق كبير في الأوبريت لكنه كان لدى يوهان الابن القليل من المنافسين كملحن غير معقد وموزع أوركسترالي سهل، واحتفظت موسيقاه بالانجذاب والحنين المشار إليه في نعيه حيث أطلق عليه اسم "آخر رمز للعصور المبهجة السارة".

 

Tuesday, November 1, 2022

سكريابين

ألكسندر سكريابين


ألكسندر سكريابين كان تمثيلًا قول هوفمان: “فقط لدى المؤلف الرومانسي الحقيقي تمتزج الكوميديا مع التراجيديا بشكلٍ مناسب حتى ينصهران كلاهما في تأثيرٍ كامل". أوهام العظمة لسكريابين استمرت بسبب اهتمام عمات وزوجات وعشاق وممرضات – تطور إلى عظمة لا تضاهى حتى في تاريخ الموسيقى. اعتقد أنه اتحد مع الخالق وسوف يتم استيعابه في إيقاع الكون، حيث أصبح إلهًا يمكنه أن يتحد مع العالم في يومٍ ما. الطموحات الكبيرة بالنسبة لشخص توفى.


رغم كتاباته الكوميدية واعتقاده لا شك في مزايا موسيقى سكريابين فعاش الانتقال من الرومانسية للحداثة حيث بدأ لغة موسيقية تحركت بشكلٍ حاسم نحو الابتعاد عن المقامية. فقط أقل جذرية من شونبرج أو ديبوسي، كان يحتمل أن يصبح أحد أعظم مؤلفي الموسيقى في القرن العشرين لو لم يمت شابًا.


كان معاصرًا لرخمانينوف في الحال، حيث التحق بنفس الصف وتخرج من كونسرفتوار موسكو في نفس العام. مثل رخمانينوف كان عازف بيانو ماهر. لكن في حين ظل رخمانينوف تقليديًا، وصل سكريابين بسرعة إلى استنتاجات وضعته في مقدمة الفكر الموسيقي المعاصر. موسيقاه الأولى للبيانو عكست هوسه بشوبان، رغم وجود تلميحات للمستقبل. “سوناتا رقم 1” تعكس رخمانينوف وبروكفييف وأعمال سترافنسكي الأولى، لكن في سوناتا رقم 3 انتقل أسلوبه بوضوح نحو الغرائبية التي يرتبط بها الآن. الانفراجة جاءت في عام 1907 مع اكتمال "سوناتا رقم 5” وهو عمل من حركة واحدة يتسم بالصعوبة الشديدة والتفكك اللحني.


منذ ذلك الوقت فصاعدًا تجربة سكريابين الموسيقية أبعدته عن أقرانه بأقصى حد يتخيله أحد في حين خوفه الشديد من الإصابة بالمرض وانبهاره الشديد بشخصيته وصل لأبعاد فاجنرية. تأثر سكريابين بالأفكار الروحانية انبهر بفكرة أن الحواس كلها تحفز بعضها وفكرة أن المقامات الموسيقية تقابل ألوانًا معينة. في عام 1909، اعتمادًا على نجاح القصيد السيمفوني "بروميثياس" كشف عن مشروع أكثر طموحًا من أي شيء حلم به فاجنر في حياته. عمل "الغموض" فكرة فائقة تجمع كل الفنون والحواس لتصبح عضو ملون" حيث استخدم أوركسترا كبير وجوقة وراقصين و"رؤى" وسحب من العطر. صديقه وناشره المايسترو سيرج كوسفتسكي حصل على حقوق الطبع. صمم سكريابين معبدًا يشيد في الهند صراحة لعرض عمله "الغموض" وإعداد لليوم العظيم اشترى لنفسه "قبعة تحمي من الشمس" وكتاب عن النحو السانسكريتي لكن المشروع مات معهز