Thursday, October 30, 2014

bizet

 مثل الكثير من مؤلفي الأوبرا في القرن التاسع عشر، نال بيزيه الخلود خلال عمل واحد وهو كارمن. أكمل الفصل الرابع والأخير عام 1874 بعد عام مات. حشد بيزيه الكثير في حياته القصيرة. قبل بلوغه التاسعة التحق بكونسرفتوار باريس وخلال شهور فاز بكل جائزة كبرى للبيانو والأرغن والتأليف – عام 1857 في سن 19 نال جائزة روما التي وضعته على مسار منتظم للأمن والشهرة. مثال على قدراته في هذا الوقت يمكن إيجادها في عمله سيمفونية في مقام دو الكبير وهو عمل مذهل يعكس أثر جونو الذي صادقه بيزيه عام 1856.

أول أوبرا هامة له جامعو اللآلئ أنتجها في الأوبرا كوميك عام 1863. كتبها باستخدام ليبريتو رهيب اعترف مؤلفوه لاحقا انه لو كانوا مدركين لمواهب بيزيه لما كانوا كتبوه بمثل هذا النص الردئ. مع ذلك أعب الجمهور بالموسيقى الحسية والميلودية لبيزيه وأصبح "صيادو اللآلئ" أحد الأعمال القليلة لبيزيه التي حققت نجاحا فوريا رغم أن استمرار بقاءه كان أساسا بسبب دويتو جميل للتنيور والباريتون. واصل في كتابة عدد من الأوبرات الكوميدية والدرامية الكثير منها تركه دون إكمال ولم يقترح أي شيء ملحوظ أكثر من الاحتراف. ثم عام 1872 بدأ بيزيه يهتم بالرواية القصيرة. كارمن لبرسبر ميريميه مع ذلك الأوبرا كوميك كانت بعيدة عن متحمسة لم يريد الوفاة على خشبة المسرح ولم يهتم أي منهما بمشروع سيطر عليه اللصوص والغجر وصناع السجائر. رغم هذا القلق ألزم المدير نفسه أخيرا لإنتاج اعمل وفي 3 مارس 1875 قدمت كارمن عرضها الأول.

وصف بيزيه النتيجة بأنها "هفوة محددة وبلا أمل" وهي مبالغة منه وعرضة للمرض النفسي ولازم الفراش. أربع ساعات بعد إسدال الستار في العرض ال33 مات بيزيه من إصابته بالأزمة القلبية للمرة الثانية.

أعماله

كارمن
كارمن هي أول أوبرا فرنسية "واقعية"، حيث تمزج بين الحوار الشفوي، واللون المحلي المكثف والدراما المأساوية المحاكة جيدا تتطور إلى رائعة مذهلة. سرعان ما جذبت المديح من دوائر مؤثرة: كتب عنها فاجنر: “هنا بفضل الله يملك شخص أفكارا في رأسه"، كل من برامز وتشايكوفسكي أعجبا بها، ونيتشه استخدم هذه الأوبرا كعصا ليطرق بها فاجنر. مع ذلك الشخصيات الحارة لكل من كارمن ومحبيها المتنافسين دون خوزيه ومصارع الثيران إسميلو أخجلوا الجماهير الأولى، مثل النهاية المأساوية حيث يقتل دون خوزيه البطلة.

استحضار بيزيه للمواقع الأسبانية للأوبرا يعرض قدراته المذهلة كموزع أوركسترالي، في حين تعد كارمن دون جدل أنجح دور ميتزو سوبرانو في كل الأوبرات. شخصيتها الجذابة اللعوب تعبر عنها خلال موسيقى تتميز بالحسية المرئية. الهابانيرا الافتتاحية مغرية بشكل خاص ويصعب تصور كيف هاجم النقاد "كارمن" لكونها غير منغمة. وتقدم الأوبرا بعض أكثر النغمات الخالدة أكثر من أي اوبرا فرنسية أخرى باستثاء فاوست لجونو – وهي الأوبرا الفرنسية الوحيدة بنفس شعبية كارمن.
 
السيمفونية في مقام دو الكبير
التدوين الأوركسترالي الأبرع لبيزيه، كتب عمل سيمفونية في مقام دو الكبير عام 1855 حين وصل مؤخرا لسن 17 – رغم أن عرضها لم يكن حتى عام 1935 بعد اكتشافها قبل ذلك بعامين في أرشيفات كونسرفتوار باريس لدي سي باركر كاتب سيرة بيزيه. مثل نموذجها "سيمفونية رقم 1” لجونو، لم يدعي عمل بيزيه الأصالة لكنه مقطوعة جديدة شيء يشبه نسخة فرنسية لشوبرت في كتابتها اللحنية الجميلة رغم عدم معرفة بيزيه بأعمال شوبرت واسعة النطاق، ومدون بشفافية رائعة. مثل موسيقى مندلسون الأولى هذا أكثر من مجرد عمل لفنان مبتدئ.
 
متتاليات أرلزيان أرقام 1 و2
عام 1872 كتب بيزيه موسيقى تصويرية لمسرحية أرلزيان لألفونس دوديه وهي مأساة كتبها في بروفنس البلد الأم للمؤلف عن رجل يقتل نفسه بسبب حبه من طرف واحد لفتاة من أرلز. الموسيقى الحساسة لبيزيه لم تضمن نجاح المسرحية وأغلقت بعد عدة أسابيع. بدلا من إهدار الموسيقى، أخذ بيزيه أربعة من المقطوعات وحولها إلى متتالية حفلات اتضح شعبيتها الشديدة، وبعد وفاته بوقت قصير، قدم صديقه إرنست جيرو متتالية ثانية، مرة أخرى من أربع مقطوعات تضمنت منويت دار حول دويتو من أوبرا بيزيه "الفتاة الجميلة من بيرث". كلاهما يعرض بتكرار ويضم ثراء من الموسيقى اللامعة والمبتكرة: مبهجة بشكل خاص مقدمة من "متتالية رقم 1” حيث يليها مجموعة من التنويعات حول ميلودي يليه صولو رثائي للساكسفون الذي كان جديدا وقتها.

Tuesday, October 28, 2014

Machaut

ماشو

على الأرجح ولد ماشو في ريمز كان المستخدم الرائد لحركة الفن الجديد (آرس نوفا) التي ازدهرت في فرنسا أثناء القرن الرابع عشر. عام 1323 انضم إلى الأسرة الملكية لجون من لوكسبرج ملك بوهميا، وعمل محاسبا لنحو 20 سنة الذي لاقى احتراما كبيرا كشاعر إضافة إلى كونه مؤلف. سافر مع أفراد البلاط لكن قضى وقته بتزايد في التأليف بدلا من الإدارة. اول عمل مؤكد له كان موتيت كتبه عام 1324 لانتخاب كبير أساقفة ريمز. خلال جهود الملك جون، منح ماشو مزايا عددية، لا سيما العمل في الكاتدرائية القوطية الجديدة في ريمز، منح له عام 1337. أقام هناك عام 1340 حيث ترك عمله السابق مع الملك رغم بقاءه في الخدمة لحين وفا الملك في معركة كريشي عام 1346

كان ماشو واحد من أوائل المستخدمين المعروفين للإيقاع وكان في مقدمة التجربة في كل من موسيقاه الدينية. عمله  Hoquetus David واحد من أوائل المقطوعات للموسيقى الآلية البحتة في العصور الغربية الحديثة. إضافة لذلك كتب أعمال للأصوات في مجال صوتي أوسع مما كان ممكنا من قبل. في الإجمال كتب أكثر من 140 عمل (أساسا بوليفونية)، رغم أن أقل من 24 موجودة خارج مجموعاته، مما يقترح أنه كان يحمي أعماله بشدة. بعد اندلاع الموت الأسود في فرنسا في نهاية 1340، أعد ماشو مجموعات واضحة من أعماله لرعاته، الذين تضمنوا جان ودوك دي بيري وملك فرنسا المستقبلي تشارلز الخامس. هذه النسخ من المسودات الفريدة والمضيئة على نحو شديد الجمال تجمع الموتيت والبالاد والكثير من الأشكال الأخرى مع اختيار واسع من شعره.
قداس نوتردام لماشو هو أشهر عمل في كل العصور. كتب المكونات الأساسية للقداس (الكرياليسون والجلوريا والكريدو والسانكتوس والأنجوس دي) بوليفونيا بدلا منه في الترتيل البسيط. هذا أيضا واحد من أوائل القداسات التي كتبها مؤلف واحد ككل (في السابق كانت مختلف مكونات القداس كان مجمع من مختلف المؤلفين). هذا إضافة إلى التقنيات الإيقاعية المبتكرة مما يجعله علامة بارزة في تطور القداس كشكل موسيقي في حد ذاته.

Perotin

بيروتان
تفاصيل حياة بيروتان مغلفة بالغموض: المؤكد أنه أحد أعظم سادة مدرسة نوتردام للموسيقى، وهي مجموعة هامة من المؤلفي والمطربين الذين يعملون تحت رعاية كاتدرائية نوتردام في باريس خلال القرن الثاني عشر. قد يكون هناك اتباع أيضا. أحد أنشطة هذه المدرسة كانت تطور المقطوعات الموسيقية باستخدام الهارموني – أي بوليفونية مبكرة للغاية. فاقت موسيقى بيروتان كثيرا في الجمال والتعقيد الأساليب البوليفونية الأولية غير المغامرة المعتادة في عصره
 
جمع مؤلف أسبق من مدرسة نوتردام يدعى ليونين مجموعة كبيرة من الموسيقى البوليفونية التي تحتفل بالأيام الكبرى للعيد في العام الكنسي المعروف باسم "كتاب الأورجانوم الكبير". وسع بيروتان من المجموعة وطورها إضافة لتحسين التدوين الموسيقي. وقدر ما نعلم، لم يبتكر الأعمال الأصلية نفسه، لكنه طور ما كان في تناوله، مثل أعمال ليونين وآخرين. كتب ليونين أساسا لجزئين صوتيين، كما كانت العادة. وتضمنت أعمال بيروتان ثلاثة بل أربعة أصوات. قدرة لنسج معا أصوات ذات أجزاء متعددة لابتكار أعمال تتميز بالجمال الاستثنائي حققت له سمعة كبيرة. الجزء الداخلي لكاتدرائية نوتردام القوطية الجديدة الكبيرة قد يكون ضخم من صدى صوت هذه التراتيل البسيطة المبهرة.

اثنان من المقطوعات في التسجيلات التي ننصح بسماعها كتبها لأربعة أصوات. وتوسعت الخطوط الميلودية لبيروتان الثرية والمزخرفة من الإمكانيات المعروفة للصوت البشري. النغمات الطويلة المستمرة للترتيل البسيط الأساسي (التينور) الذي شكل جزء من هذه الأعمال قد يكون أكمله المطرب أو عزفه على أرغن بسيط، الأصوات العليات غنت نغمات أقصر في عدد من الإيقاعات المبتكرة. كلا المقطوعتين يدون كحركة واحدة من سيمفونية كلاسيكية أو كونشرتو. وهكذا هذه أعمال مذهلة في عصرها وتمثيل حقيقي لإنجاز بيروتان -صياغة طرق جديدة للتعبير عن لغة الموسيقى.

Paganini

لا أحد يعزف الكمان مثل نيكولو بجانيني. كان أول موسيقي يعين مدير أعمال، وكان يشبه جاثا هايفتر وبي جي بارنوم. توافد الناس لسماعه وهو يعزف، ليس فقط لأمل سماع مهارة العزف الفنية المذهلة لكن أيضا بسبب الفضائح المحيطة به. إحدى الشائعات الملحة اقترحت أن مهارته الفائقة كانت نتيجة تحالفه مع الشيطان. وبالتأكيد ثمة شيء شيطاني بشأنه: وهو صبي شوه يده اليسرى ليزد سرعة انتشار أصابعه، ومعظم اللوحات المعاصرة لبجانيني في سن النضج تقدم شخص شبه ممسوس: شعره طويل ونحيل ونظرته مخترقة. مثل كل العازفين البارعين في عصره بالتأكيد كان يعزف أعمال من تأليفه، أعمال مصممة لاستعراض المجال الكامل لمهاراته، من الغنائي إلى الأكروباتي – مقطوعته الاحتفالية كان قطع ثلاثة أوتار على آلة الكمان ومواصلة العزف. موسيقاه نادرا ما تكون عميقة، لكن الجمع بين السحر المتساهل والاستعراض تسبب الانبهار فوق الفضول.

سمعة بجانيني في العالم كأعظم عازف كمان في عصره تلاها سلسلة حفلات رسيتال قدمها في فيينا عام 1828، وتقدمه الناجح في أوروبا استمر للست سنوات التالية. بعض الموسيقيين مثل شبور انتقدوه للسطحية والخداع في العزف، لكن الكثير من معجبيه تضمنوا شوبان وشومانحيث كتب كلاهما أعمال موسيقية تشيد به – وفوق كل شيء فرانز ليست الذي حول نفسه بنجاح إلى بجانيني على آلة البيانو. قبل عام 1834 كان بجانيني أنهك نفسه وأصابه الإرهاق والمرض وشائعات الصحف الملحة لبخله وفحشه. تقاعد في بارما وقلت عروضه. محاولة عام 1837 لإقامة كازينو في باريس يحمل اسمه أدت لخسارته مبالغ طائلة من المال، وبعد ثلاثة أعوام، توفي في نيس بعد إصابته بمرض في الحنجرة حيث رفض بتصميم رؤية قس قبل الوفاة.

هايدجارد فون بنيجن

هايدجارد فون بنيجن
كانت هايدجارد واحدة من عشرة أبناء أنجبها أبوان نبلاء في قرية بريمرز هايم فيما يعرف الآن بألمانيا الغربية. في سن الثامنة تركت في عناية جوتا سبنهايم قسيسة لمجموعة رهبان يقمن بالدير التابع للأب بنديكت قرب بنيجن. بعد وفاة جوتا، صارت هايدجارد راهبة، وبعد ذلك في الحال عام 1411، رأت ألسنة اللهب تهبط من السماء عليها. من هذا الوقت فصاعدا كرست حياتها في المحاولة للتعبير عن رؤاها الصوفية عبر التأليف الموسيقي والشعر وكتابة المسرحيات.

بسبب تجاربها التنبؤية تمكنت هايدجارد من ممارسة سلطة وقوة غير معتادة للنساء في هذا العصر. مع الجمع بين الأنشطة الدينية والدبلوماسية قامت بعدة رحلات تبشيرية ودبلوماسية عبر ألمانيا في فترة عشر سنوات. كانت كاتبة غزيرة الإنتاج وطبيبة معروفة وعكست أعمالها تحالفا قريبا وإبداعيا بين العلم والفنون. والإضافة إلى الكتابة عن التاريخ الطبيعي والطب، كتبت الكثير من الأعمال الغنائية، وسجلت رؤاها التنبؤية والرمزية في مسودة scivias. مسرحيتها الوعظية "ترتيب الفضائل" تتكون من خطاب عن الفضائل، 16 منها ممثلة في الأداء لراهبات هايدجارد، الدور الرجالي الوحيد – الشيطان – قام به السكرتير الخاص بها.
  
المزج بين العواطف للشعر والموسيقى، جمعت هايدجارد أعمالها باسم "سيمفونية الهارموني للوحي السماوي". أضاف لهذا العمل باستمرار على مندار السنوات ومن هذه المجموعة جاءت السلاسل (قالب الترتيل) والترانيم الموجودة في التسجيلات الموصى بها.

اعتبرت هايدجارد نفسها "ريشة في نفس الرب"، صوفية بدلا منها مؤلفة؛ معظم أعمالها تتعلق بشدة بالنصوص الدينية لاملحنة بألحان طويلة متدفقة، أساسا للأصوات الصولو. في الأعمال "القدس" تشبه القدس بالدير التي أسستها في روبرتسبرج قرب بنجين في موقع الدير الذي هدمه النورمانديون. ماتت هايدجارد في روبرتسبرج في خريف 1179.

Monday, October 27, 2014

دومينيكو سكارلاتي

دومينيكو سكارلاتي
يعرف دومينيكو سكارلاتي الآن تقريبا كليا لأعماله في قالب السوناتا لآلة الكيبورد. هذا بالكاد مثير للدهشة، بما أنه بين 1719 ووفاته كتب نحو 555 سوناتا مكونة من حركة واحدة في أحد أكثر السباقات الموسيقية المميزة في تاريخ الموسيقى.

ولد في نابولي مدينة كانت تخضع للحكم الأسباني منذ 1503، درس دومينكيو هناك مع والده أليساندرو وتعين عازف أرغن في البلاط الملكي (حيث كان والده مايسترو آكابيلا) في سن 15. بعد عدة أشهر عام 1702، حصل الأب والابن على إذن بالتغيب للسفر إلى روما وفلورنسا على أمل العمل بشكل مجزي في بلاط أليساندرو فيرناندو دي مديتشي راعي الأمير. في فلورنسا كان متوقع أن يكون كل من أليساندرو ودومينيكو سكارلاتي التقيا بصانع الآلات الموسيقية الشهير لدى الأمير بارتولميو كريستوفوري. مع العودة لنابولي في نفس العام ظهر دومينيكو أول مرة كمؤلف أوبرالي مع عملين لموسم 1703-4. بعد عام أليساندرو المسيطر كان طموحا ليجعل ابنه ناجحا – فأعد لدومينيكو ليلحق به في البندقية حيث كان يأمل أن يترك كلاهما بصمته في النهاية لم ينجح أيهما هناك، رغم أن دومينيكو التقى مع وصادق هاندل الذي كان شاب حينها. كانت خطوة أليساندرو التالية هي الحصول على منصب مايسترو آكابيلا في كنيسة سانتا ماريا ماجيور في روما حيث وجد وظيفة لابنه كذلك.

بقى دومينيكو في روما من 1708 حتى 1719. هناك بعد وصوله بوقت قصير شارك في مسابقة على الكيبورد مع هاندل في قصر الكاردينال أتوبوني حيث فاز دومينيكو كعازف هاربسكورد في حين اعتبر هاندل عازف أرغن أفضل منه. بعد ذلك تعين في منصب هام وهو مايسترو آكابيلا لدى ماريا كاسميرا ملكة بولندا التي كتب لها العديد من الأوبرات وأعمال الأوراتوريو. في عام 1713 تعين مساعد مايسترو آكابيلا في كنيسة سانت بيتر في روما، حيث أصبح مايسترو في العام التالي. في الوقت نفسه كان يعمل أيضا سفير البرتغال للفاتيكان إضافة لكتابة الأوبرا للمسرح الرئيسي في روما حيث تعرف على المطرب المخصى العظيم فارنيللي
  
في وقت ما في أوائل 1720 صار سكارلاتي مؤلف بلاط الملك البرتغالي جوا الخامس، وهو منصب تضمنت مهامه تدريس الموسيقى لابنة الملك الطفلة ماريا باربرا التي ارتبط معها بعلاقة وثيقة. حين تزوجت ماريا عام 1729 من الأمير فرناندو الوريث للعرش الأسباني، تبعها سكارلاتي (الذي تزوج حديثا) إلى مدريد حيث مكث في خدمتها حتى ثلاثة سنوات قبل وفاته. في مدريد، واصل سكرلاتي صداقته مع فارنيللي (الآن جزء من الأسرة الملكية) لكن لم يبدو قط متورطا في كتابة الاوبرا. بدلا من ذلك، كان شخ في خلفية البلاط وأغلب أعماله الكثيرة للكيبورد كتبها فقط للاستهلاك الخاص لماريا باربرا. لم ينشر سوى 30 من السوناتات خلال حياة سكارلاتي.

كانت آلة الكيبورد في عصر سكارلاتي لها مجال أصغر من البيانو، لكن في هذه الحدود ابتكر موسيقى متنوعة، تتراوح في الصفات من الإلحاح إلى الطابع الغنائي الرقيق. في حين قد لا تملك موسيقاه عمق معاصره باخ، تكشف عن الابتكار الذي لا ينضب. كان سكارلاتي بلا جدل المؤلف الموسيقي الأول حقا لاكتشاف حدود ما يمكن أن تحققه العشرة أصابع: موسيقاه تحتاج للقفز فوق اثنين أوكتيف، فقرات تعبر فيها اليد فوق الأخرى والتكرارات السريعة للنغمات.

 أعمال سوناتا الكيبورد
أعمال السوناتا التي كتبها سكارلاتي لا تحمل أي شبه للقالب المتعدد الحركات الذي أجاده هايدن وموتسارت وبيتهوفن -. فبالنسبة لسكارلاتي مصطلح "سوناتا" لم يدل على شيء أدق من مقطوعة آلية بحتة. ولم يطور المادة الخاصة بأعماله المكونة من حركة واحدة على نمط السوناتا الكلاسيكية، لكنه بدلا من ذلك يواصل بالنسج والمقابلة بين الموتيفات التي تتكرر عبر المقطوعة. يبدو واضحا أن سكارلاتي أصبح مطلعا على الموسيقى الأسبانية الشعبية خلال الطويلة التي قضاها في أسبانيا وأعماله للسوناتا تعكس التقليد الأصلى أكثر من الأشكال الراقصة الخاصة بالبلاط التي يؤيدها معاصروه. بالتالي ممكن الشعور بأصداء العزف على الجيتار والصنوج حتى الإيحاء بدق الأقدام في أعمال السوناتا الأسرع والإحساس بالغناء الأندلسي في بعض الأعمال الأبطأ. لكن فوق كل شيء، إنها قوة ألحان سكارلاتي وذكاؤه الذي يقود به جدالاته الموسيقية والمؤثرات المعبرة شبه الرومانسية التي يحققها التي تجعل هذه الأعمال جذابة مثل أي موسيقى آلية في عصر الباروك.

الستابات ماتر
 أعمال سكارلاتي لسوناتا الهاربسكورد تسيطر على إنتاجه حتى أنه نسى تقريبا أن كان مؤلفا متميزا للموسيقى الصوتية، الدنيوية – في صورة أوبرات وكنتاتا – والدينية. في السنوات الأخيرة بدأت تظهر من الظلال، خاصة العمل الغامض الذي يبدو قديم بعنوان "ستابات ماتر". لم يدري أحد بالضبط متى كتبه أو لمن، رغم أن تاريخه يرجع من عصره في العمل في الإبرشية الموسيقية. مقارنة مع ألحان والده العاطفية الدرامية لنفس النص، يعود سكارلاتي لتقليد بوليفوني أسبق كما يمثله بالسترينا – وهو أسلوب ما زال واضحا في بعض الأنحاء على أنه يناسب الموسيقى الكنسية. كتبه لعشرة أصوات، رغم أنه نادرا ما يوظفه بتزامن، الافتتاحية الساحرة مذعنة برفق لكنها تقدم حياكة مكثفة للأصوات، مليئة بالتنافر المعذب. ما يميزه عن بوليفونية عصر النهضة هو الهارموني، لكن أيضا أسلوب تنويع سكارلاتي الكتابة من قصيدة لأخرى، حيث يستخدم مختلف المجموعات الصوتية وغالبا التغيرات المفاجئة للسرعة، التي تصل ذروتها في الدعاء الختامي "آمين" خاصة في الزمن الثلاثي.

الترتيل الجريجوري

الترتيل الجريجوري

المسيحية لها تاريخ طويل في الترتيل: حيث كانت النصوص الدينية تلحن بألحان من خط واحد لصوت واحد أو أكثر. ومن مختلف أنواع الترتيل المسيحي – المعروف معا باسم الترتيل البسيط أو الغناء البسيط – أهمه هو الترتيل الجريجوري، وهو برنامج حفلات الترتيل الرسمي للكنيسة الكاثوليكية الرومانية وأقدم موسيقى بقيت من التقليد الغربي.

من أساسها حتى القرن الثامن، تطورت المسيحية دون جهة تنظيمية كلية، وهذا يعني توسع الموسيقى الدينية، لذا تطورت المتغيرات الدينية حول أوروبا. هذا الحال خاصة عندما يتعلق بالترتيل، حيث لا توجد سبل لتدوين الألحان والإيقاعات. وبوصفهم أول ملوك لأسرة كارولنجيان – التي تحكم إمبراطورية تضمنت فرنسا وأجزاء من إيطاليا وألمانيا – الملك بيبن الثالث وابنه شارلمان اتخذا خطوات لتوحيد مختلف أنواع الترتيل المسيحي، حيث تهدف لإكمال التقاليد المحلية المختلفة بطقوس الكنيسة الرومانية. وتحالف بيبن مع البابوية في روما وفي عام 752 جاء الأب ستيفن الثاني ليطلع أسرة كارولنجيان بتفاصيل الترتيل الروماني وموسيقاه. مع ذلك لم يتم تجميع الترتيل الروماني في الحال وامتزج مع التقاليد الغالية لمدة 150 سنة قبل تحقيق شكل ثابت مع قدوم التدوين في القرن العاشر. المسودات الأولى لهذا الترتيل المتنوع هو أساس الترتيل الجريجوري. وهو اسم تم تبنيه على الأرجح لأن الفرانكيون آمنوا بأن القديس جريجوري العظيم الشهير الذي كان بابا من 590 حتى 604، كتب الموسيقى التي أحضرها من روما، رغم أن تقريبا غير حقيقي.

مع النصوص معظمها مأخوذ عن العمل الإنجيلي "كتاب المزامير"، التراتيل هي ألحان منوفونية تعتمد على نمط (مجموعة نغمات مثل سلم موسيقي)، لكنها تختلف كثيرا في الطول والتعقيد. أبسط تراتيل من مقاطع حيث يلحن كل مقطع على نغمة واحدة، على الأرجح كان يراد أن يغنيه جوقة المصلين، في حين أدى الأمثلة السهلة للغناء الجميل (مليسيما) التي تملك نغمات كثيرة لكل مقطع، على الأرجح يؤديها مطربون صولو.

في المصادر الأولى، التي يرجع تاريخها لنحو عام 900، كانت التراتيل تدون بإشارات وهي علامات صغيرة تكتب فوق النص الذي يشير إلى أشكال لحنية لكن ليس درجات صوت أو فواصل محددة، بما في ذلك رسم الخطوط الملونة على الصفحة (الشكل المبكر للمدرج الموسيقي اليوم)، وحتى في ذلك الحين لا يوجد إشارة للإيقاع. خلال الإصلاح المضاد، أعيد تنقيح التراتيل بشكل مكثف وفقط في منتصف القرن التاسع عشر كان هناك اهتمام متجدد في العودة للمصادر الأصلية، حيث حاول رهبان دير سوليمز في فرنسا، ثم غيرهم أعادة ابتكار ممارسة الأداء الأصلية.

بدأت مختلف مدارس الأداء الموسيقي في الظهور: اقترح أحد قساوسة سوليمز أن كل النغمات لابد أن يكون لها نفس القيمة؛ واعتقد قس آخر أنه على الإيقاع أن يكون أكثر حرية، مع نغمات مصنفة إلى مجموعتين وثلاثة مجموعات؛ لاحقا وضع دبليو إيه فوليرتز نظرية استخدام طول نغمتين مختلفتين في العادة. وما زالت هذه النظريات محل الكثير من الجدل وكلها ممثلة في التسجيل الكامل للتراتيل الجريجورية دائمة النمو.

Friday, October 24, 2014

Monteverdi

كلوديو مونتفردي

مشوار مونتفردي الفني يتصادف مع فترة من التغيير العميق في الموسيقى الأوروبية. منذ وقت جوسكان، أصبح المؤلفون بشكل متزايد يعنون بإيجاد أفضل طريقة لنقل معنى الكلمات التي يلحنونها. وقبل نهاية القرن السادس عشر بدأ المؤلفون المتقدمون في رفض البوليفونية لصالح شكل جديد من الموسيقى، يعرف بالمنودية، حيث يقتصر الميلودي على جزء واحد فحسب – أي أجزاء إضافية قدمت دورا سنيدا، حيث تملأ الهارموني أسفل اللحن، عادة في صورة التآلفات. الوضوح اللفظي المتزايد لهذه الطريقة الجديدة منح المؤلفين مجالا أكبر للتعبير عن الأفكار والعواطف ولم يهتم مؤلف أكثر بالتظاهر بالعواطف من مونتفردي. مع ذلك، فعل هذا ليس بالتركيز على أسلوب واحد فقط لكن باختيار أسلوب معين كلما يبدو مناسبا.

أعظم أعماله، الاوبرات والصلوات المسائية، تجمع بين نطاق من الطرق الموسيقية – من المنودية إلى كورس المادريجال – الذي نجحت في خلق شكل متكامل متنوع وفوق كل شيء درامي.

ولد مونتفردي في كريمونا في شمالي إيطاليا، كان ابن صيدلي يعمل حلاق وجراح أيضا. بعد الدراسة مع مارك أنطونيو إنجيجنري، مايسترو آكابيلا في كاتدرائية كريمونا انضم إلى بلاط الدوق التابع لأسرة جونزاجا في في مانتوا، حيث عمل هناك لأكثر من عشرين عاما كان هذا مناخ عمل مثقف للغاية وإن كان منغلقا نوعا ما: حيث كان الدوق فنسينزو الأول طاغية ومتقلب، وكان مونتفردي دوما يشعر أنه لم ينل التقدير الذي يستحقه. أسرة جونزاجا لم تكن واحدة من أقوى الاسر الإيطالية سياسيا لكنها عاشت حياتها بأناقة حيث وظفت العديد من الفنانين المهمين بمن فيهم الرسام روبنز والمايسترو آكابيلا للفرقة هو جياشي دو فيرت – وهو أثر قوي على زميله الأصغر منه سنا.

عام 1599 تزوج مونتفردي من إحدى المطربات في البلاط، وهي كلوديا دي كتانيس، وقبل عام 1601 أصبح مايسترو آكابيلا في بلاط الدوقة سانتا باربرا. أول أوبرا كتببها هي أورفيو عرضت عام 1607، بتكليف من فرانسيسكو الابن الأكبر للدوق. وفي نفس العام، وفاة زوجة مونتفردي تسببت له في الإصابة بالاكتئاب الشديد. عاد لوالده في كريمونا لكن تم استدعاؤه مرة أخرى للبلاط عام 1608 لكتابة أوبرا جديدة وهي أريانا، لحفل زواج فرانسيسكو جونزاجا. حقق العمل نجاحا ساحقا لكن عكس اورفيو لم ينشر قط ونجا منه جزء قصير فحسب وهو رثاء آريانا الجميل.

السنوات الأخيرة التي قضاها مونتفردي في مانتوا بدت مخيبة للأمل، و"صلوات المساء" الشهيرة عام 1610 نشرت بإهداء للبابا في محاولة لإيجاد وظيفة في روما. لم ينتج شيئا عن هذا، وحيث وصل فرانسيسكو جونزاجو لمنصب الدوق عام 1612، وجد مونتفردي نفسه قد طرد من الوظيفة مرة أخرى عاد لكريمونا قبل أن تعرض عليه بشكل غير متوقع وظيفة مايسترو آكابيلا في سانت مارك في البندقية. حسب المعايير الموسيقية الأفضل في سانت مرقص وبدوره لاقى التقدير المناسب حيث تمتمع بأجر كبير ومنتظم.

بعد الطاعون الرهيب الذي أصاب البندقية عام 1630 أصبح قسا وقد تكون سنواته الأخيرة انقضت بهدوء لولا افتتاح دار الاوبرا الحكومية الأولى في البندقية في سان كسيانو عام 1637. لباقي سنوات حياته كتب بانتظام للأوبرا لكن لسوء الحظ فقط نجا عملان "عودة عوليس" واحد أعظم أعماله وهو "تتويج بوبيا".

أشهر أعماله
أورفيو
أول أوبرا لمونتفردي تروي عن وفاة يورديس وكيف يتجول الشاعر والمطرب أورفيوس للعالم السفلي في محاولة لإعادتها من الموت. قوة موسيقاه تقنع بلوتو أن يسمح بعودتها، لكن يجب ألا ينظر أورفياس للوراء وهو يقودها للعالم العلوي لكن في اللحظة الأخيرة يفعل هذا ويخسرها مرة أخرى.

الرسيتاتيف هو الشكل السائد للغناء في حين الآريا، التي بنفس وضوح الأسلوب الصوتي المميز بوضوح، بالكاد يكون ظاهر. حتى اللحظة الهامة للأوبرا "الروح القوية"، حيث يستعرض أورفياس مهارته الصوتية من أجل دخول هادس وهو نعي مزخرف في الأساس. أقوى الألحان في "أورفيو" موجود في الريتورنيللو، الفقرات الآلية القصيرة التي تضبط الدراما. الريتورنيللو الافتتاحي – الذي يتكرر في نهاية الفصل الثاني وفي بداية الفصل الخامس – يتولى وظيفة تدل على عالم الأشخاص الفانين والقوة العلاجية للموسيقى. هذا الجانب الرمزي أيضا يظهر في التدوين، مع التمييز الواضح بين العالم السفلي، يمثله آلات الترومبون الكئيبة وعالم الأحياء المدونة أساسا للوتريات.

عودة عوليس للوطن
فجوة تزيد على ثلاثين عاما تفصل كتابة اورفيو من الأوبرا الثانية التي نجت لمونتفردي، "عودة عوليس" التي عرضت أول مرة في مسرح سان كسيانو عام 1640. الليبريتو لجياكومو بادورو مقتبسة من الأوديسة لهوميروس. في حين كان عوليس بعيدا لمدة عشرين عاما (حيث كان يقاتل في طروادة ثم حاول العودة للوطن إلى إيثاكا)، ظلت زوجته بينلوبي مخلصة له رغم تقدم العديد من الخطاب لها. عند نهاية الأوبرا تعقد بنيلوبي منافسة: كل من يسحب قوس عوليس سوف يفوز بيدها. يفشل كلهم باستثناء عوليس الذي يتنكر كشحاذ، ليس فقط يسحب القوس لكن يقتل كل خطابها. وبنيلوبي التي خافت من الخداع رفضت الاعتراف انه حقا زوجها لحين يصف الغطاء المزين لفراش الزفاف. “عودة عوليس" اكثر عمل مهمل من أوبرات مونتفردي الباقية، ربما لأنها الاكثر عمل يعرض في البلاط الملكي، مع ذلك نسيجه أكثر تنوعا من اورفيو. الرسيتاتيف ما زال الاداة الأساسية للتعبير هنا لكن الآريا تتحدث بانتظام لتكثيف الدراما – أهمها في الفصل الثالث.

تتويج بوبيا
اختار مونتفري موضوع كلاسيكي لآخر وأعظم أوبرا له، لكن هذه المرة من التاريخ بدلا من الميثولوجيا – أول وأشهر مثال من أوبرا تعتمد على الواقع. اختيار موضوع "تتويج بوبيا" قد يبدو ريبا، بما أنه يختتم بالانتصار الكامل لانعدام الأخلاق. الامبراطور الروماني نيرون يقرر ترك زوجته أوتافيا والزواج من عشيقته الجديدة بوبيا. حين ينتقد مدرسه الفيلسوف سينكا القرار يامر نيرون – بتحريض من بوبيا – بإعدامه. اوتيون عشيق سابق لبوبيا تبتزه أوتافيا لعمل محاولة لقتل بوبيا يفعل ذلك وهو متنكر كخادمة اوتافيا دورسيلا التي تحبه. فشله يؤدي إلى اعتقاله ونفيه ثم يطلق نيرون زوجته وينفيها وتنتهي الاوبرا باحتفال نييرون وبوبيا في فرح بنجاحها وحبهما لبعض في دويتو حسي ومؤثر. وثمة خصائص كثيرة تميز "تتويج بوبيا" من الأعمال السابقة لها، بعيدا عن احتمال أن تشمل موسيقى لأكثر من مؤلف واحد. توزيعها أقل من المستخدم في "عودة عوليس"، والموسيقى تتميز بالمزيد من التناقضات الواضحة بين الأقسام المتقابلة، مثلما في إعداد سنيكا للانتحار. الآريا هنا أطول وبارزة أكثر كذلك والشخصيات أعقد من أي شيء حاول مونتفردي كتابته من قبل – نيرون أكثر إبداعاته تطورا.

الصلوات المسائية
أسرة جونزاجا وظفت مونتفردي أساسا كمؤلف للموسيقى الدينية، ورغم أنه أصبح مايسترو آكابيلا عام 1601، إنتاجه الديني قليل نسبيا بعد تعيينه في كنيسة سانت مارك في البندقية. بلا شك أعظم إنجاز له في مجال الموسيقى الدينية كان مجموعة أعمال موسيقية للصلوات المسائية التي نشرها عام 1610. ثبت صعوبة التحديد في أي مناسبة كتب هذه الموسيقى، لكن مؤكد أن مونتفردي أراد نشرها كاستعراض مهاراته، فوق كل شيء لقدرته على الكتابة بفاعلية في عدة أساليب قديمة وجديدة. الصلوات المسائية تقدم تناول مسرحي استثنائي للموسيقى الكنسية مع نطاق من المؤثرات المذهلة في القداس، من النفير الافتتاحي إلى استخدام الصدى في الموتيت أو الزخرفة الدرامية للجزء المخصص لثلاثة مطربين تينور في النهاية ناهيك عن الكتابة لموسيقى الآلات.

 
المادريجال
الأغاني الدنيوية لمختلف الأصوات، تعرف بالمادريجال تطورت في إيطاليا في القرن السادس عشر وصلت أوجهها في بداية القرن السابع عشر. مونتفردي بالفعل نشر مجموعتين من المادريجال قبل وقت وصوله إلى مانتوا عام 1592. هذه الألحان من خمسة أجزاء تتميز بسحر كبير لكن تحت تأثير دي فيرن أصبح مونتفردي أكثر جرأة خاصة في استخدامه للتنافر. هذا شجع صاحب نظرية محافظ يعرف باسم أرتوزي على شن هجوم لاذع عليه. دفاع مونتفردي لاحقا ضخمه جيليو سيزار ظهر في مقدمة الكتاب الخامس للمادريجال، حيث يميز بين الأسلوب القديم للتأليف (الممارسة الشائعة) حيث حكمت الموسيقى الكلمات وأسلوبه الجديد (الممارسة الثانية) حيث حكمت الكلمات الموسيقى. من كتابه الخامس للمادريجال فصاعدا يصبح مونتفردي راديكالي بتزايد أدخل آلات موسيقية ويصبح الهارموني تعبير بتزايد وانقسم المطربون لمجموعات متقابلة.



معركة تانكريدي وكلوريندا

في الكتاب الثامن للمادريجال، بعنوان "أغاني المادريجال عن الحب والحرب" يوضح مونتفردي خطته الجمالية في مقدمة. ينظر إلى الأفكار الكلاسيكية، يجادل أن الموسيقى ينبغي أن تستحضر لدى السماع الحالة المتقابلة للهدوء والحرب والحب. هذا يمثله أحد أروع ألحان بيترارك وهو مثال درامي مذهل عن تلحين الكلمات حيث تنعكس تغييرات المزاج في تغييرات السرعة والصوت. هذه الخطوة نحو شكل مرئي للواقع الموسيقى (الأسلوب المثير) نراه حتى اوضح في مقطوعة درامية ضمن الكتاب الثامن "معركة تانكريدي وكلوريندا" وهو عمل غير مصنف ليس أوبرا تماما لكنه أكثر من مجرد مادريجال. عرض أول مرة عام 1624 في منزل أحد النبلاء في البندقية، يروي حكاية (خلال راوي أساسا) نزال بين سيدة متنكرة هي كلوريندا وفارس صليبي تانكريدي يوظف مونتفردي العديد من المؤثرات المقلدة المذهلة، بما فيها عدو الخيل وصليل السيوف، لكن جوهر العمل هو المفردات المعبرة. العرض الأصلي تسبب في دموع الجماهير.