Wednesday, August 10, 2022

دروفليه

موريس دروفليه


رغم إن اسمه غالبًا ما يرتبط باسم جابرييل فوريه، امتلك موريس دلوفليه واحدًا من أكثر الأصوات المتميزة في الموسيقى الفرنسية في القرن العشرين. عمله الأثري "القداس الجنائزي (1947) يردد صدى قداس فوريه وبطرق أخرى أيضا، بدا دروفليه منعزلًا عن الثورات التي حدثت في موسيقى ما بعد الحرب. ورغم أن أولفييه ميسيان كان معاصرًا له في كونسرفتوار باريس، قاوم دروفليه التجارب الموسيقية وانتقل بهدوء إلى المؤسسة الموسيقية الباريسية كعازف أرغن لمدة 45 عامًا في الكنيسة الهادئة سانت إتيان دومونت كما عمل مدرسًا في الكونسرفتوار حيث كان مسئولًا عن كتابة القليل من الأعمال، الكثير منها مستوحى من الصلة بين الترتيل الجريجوري والكاثوليكية الفرنسية. وذات مرة اعترف دروفليه بنفسه أنه "ارتبك" من الاتجاه الذي اتخذته الموسيقى أثناء حياته.


ورغم الموهبة التي أظهرها في الكونسرفتوار (فقد فاز بخمس جوائز هناك في فترة العشرينيات) كان التدريب الذي تلقاه دروفليه كعضو في الكورس في كاتدرائية روين الذي سيطر على خياله. ومثل الكثير من المؤسسات الفرنسية الدينية، كانت كاتدرائية روين تفخر بالتقليد الترتيل البسيط بقوة، التي صاغته في القرن التاسع عشر ورتلته يوميًا. تركت هذه البيئة تأثيرًا قويًا على دروفليه، والمعالم السلسة والألوان النموذجية للترتيل تظهر في معظم أعماله. أحيانا يضع الترتيل البسيط كمصاحبة بسيطة للحن، كما لو كانت في السياق الغنائي، لكن دائما تعمل كإشارة خيالية، حيث حاك دروفليه التراكيب المركبة إيقاعيا من خطوطها العريضة.


مثل معلمه بول دوكا، كان دروفليه ينقد ذاته ونشر عشرة أعمال فحسب، التي كتبها في الغالب لآلة الأرغن والأصوات. وضمن أعماله للأرغن "المقدمة والأداجيو والتنويعات الكورالية على لحن "فيني المبتكر" (1930) أحد روائعه الأولى، لكن بكل معنى أعظم أعماله هو "القداس الجنائزي" الذي يصف بإخلاص التراتيل اللاتينية من "الصلاة على الأموات" التي حولها إلى عمل طموح للجوقة والأوركسترا الكبير والأرغن. رغم أن دروفليه لم يرضَ عن جهوده – لاحقًا كتب أنه خلال "الكشف [الترتيل الجريجوري] في خطوط المازورة في النوتة الحديثة، نجازف بتدمير الشعر وطبيعته غير الناضجة والمراوغة" – القداس الجنائزي مع توازنه المصقول للتأمل الداخلي والعواطف صنع اسمه دوليا.


لكن من الخمسينات، حين اتخذت مهام التدريس الأولوية لدى دروفليه، لاقى صعوبة في التأليف بشكلٍ متزايد، وبعد حدوث ارتطام السيارة بشكل كاد أن يودي بحياته عام 1975 اعتزل الحياة الموسيقية كليًا. عمله الأخير "أبانا" مقطوعة رقيقة للجوقة دون مصاحبة موسيقية، كتبه بمساعدة زوجته (كانت هي نفسها عازفة أرغن موهوبة). كختام لمشوراه الفني كان العمل حلو ومر: نص الموتيت ترجمة عامية لصلاة الرب، كلفه بكتابتها لأن باتباع إرشاد الفاتيكان الجديد، قررت السلطات الكاثوليكية عدم استخدام الصلاة اللاتينية المحبوبة لدروفليه واستخدام الصلاة الفرنسية بدلًا منها.

 

No comments:

Post a Comment